تنامت مؤخراً عمليات مضاربة واسعة في العملات الرقمية و لاسيما البيتكوين بسبب الإرتفاع الجنوني في أسعارها و الذي أسال لعاب الكثيرين بينما اعتبره آخرون مجرد فقاعة ستتلاشى بعد وقت قصير و بالفعل بدأ بعض التراجع في قيمة تلك العملات الإفتراضية و لا يُعرف هل سيكون هذا التراجع تصحيحياً لقيمة العملة أم أنه سيستمر ليكبد المضاربين عليها خسائر فادحة ؟.
تحديث 1
كنت قد كتبت هذه المقالة مع بداية الانخفاض في أسعار البيتكوين التي تعاني حالياً انخفاضاً حاداً جداً بعد قيام عدة دول بحظرها ليصل سعر البيتكوين إلى 6000 دولار و صاحبها العديد من العملات الرقمية الرئيسية في رحلة الهبوط تلك , أعتقد أن هذا سبب إضافي لتجنب استخدام البيتكوين كمخزن للقيمة.
تحديث 2
مرة أخرى تعاود فقاعة البيتكوين ارتفاعها الجنوني وهنا و حتى لا تستمر التحديثات أبد الآبدين، ما أود توضيحه أن دعوتي هي من حيث المبدأ ذاته وتأثير العملة الرقمية على البيئة وليست توقعات اقتصادية وإن كنت اظن أن فقاعة البيتكوين ستنفجر يوماً ككل الفقاعات التي لا تحمل قيمة في ذاتها بل في اهتمام الناس بها.
قد تبدو فكرة البيتكوين جذابة كوسيلة للتخلص من سطوة البنوك و تحويلاتها الباهظة كما يروج لها و لكن هل حقاً تستحق العملات الرقمية كالبيتكوين الثمن المدفوع مقابلها . و هل حقاً هي وسيلة لحفظ و تحويل الأموال أم وسيلة للمضاربة ؟.
في الحقيقة تذكرني عملة البيتكوين بعملات كان يكتسبها البعض على لعبة ثنائية الأبعاد تسمى تيبيا tipia بدأت في نهاية التسعينات كان اللاعبون يبيعون و يشترون و يتبادلون العملات خارج إطار اللعبة و هو الأمر ذاته المستخدم حالياً في العديد من تطبيقات الألعاب و التي للأسف تُدفع المليارات من أجل الحصول على عملاتها الزائفة ولو سلمنا بأن اللاعبين يستفيدون بكونهم يمرحون و منتجي الألعاب يستفيدون بقدرتهم على تقيم المزيد لكن البيتكوين لا تقدم المرح ذاته فهي عمليه معقدة و مملة .
يحتاج البيتكوين لجهد و مال لكن لا توجد ثمرة حقيقية لهذا الجهد على أرض الواقع الأمر أشبه بمحاولات لا نهائية لإصطياد أوراق اليانصيب الرابحة و التي تدفع قيمتها من جيوب الباحثين عن الثراء أنفسهم , مجرد تحوير بسيط لما تقوم به شركات التسويق الشبكي و الخاسر دائماً هم صغار المشاركين.
كان يمكنني تفهم الأمر لو كان الوقت الذي تنفقه هذه الآلات الذكية يستثمر في زراعة أشجار في غابات الأمازون مثلاً أو أن تكون موارد تلك الأجهزة تستخدم من قبل بعض الحواسيب الفائقة لخدمة البشرية بأي شكل من الأشكال مثل خدمة البحث العلمي أو أي أغراض عملية . لكن أن تستخدم ذكاء الآلة لتحصل على عملة غبية لا تضيف شيئاً على أرض الواقع فهو أمر عجيب حقاً .
Table of Contents
هل يمكننا أكل البيتكوين ؟
سؤال سخيف أليس كذلك ؟ الأسخف أن البشر يستهلكون موارد هذا الكوكب بشكل مخيف و إن شئنا الدقة يمكننا القول بأن 1% من سكان هذا الكوكب يستهلكون موارده بشكل جنوني و زائد عن الحاجة لتكديس ثرواتهم دون الأخذ في الإعتبار مصير الكوكب ذاته أو تأثير هذا المسلك الجائر على توازن الكوكب نفسه و الآخذ في الإختلال بالفعل , هناك مقولة شائعة لأحد الهنود الحمر تقول :
عندما يتم قطع آخر شجرة ، و صيد آخر سمكة ، و تسميم آخر نهر , سوف ندرك أننا لا نستطيع أكل المال.
في الحقيقة نظرياً يمكننا أكل العملات الورقية ( و إن كانت غير ذات جدوى من الناحية الغذائية 😄 ) لكن من المستحيل أكل البيتكوين فلا وجود مادي لتلك العملات على أرض الواقع !
وبالعكس فالبيتكوين على ما يبدو هي التي تأكلنا ! تستهلك البيتكوين الموارد المادية بشكل كبير مثل الفحم و الغاز والبترول و الأشجار و أطنان من السيليكون و النحاس و الحديد و غيرها من الأشياء التي تستخدم لصنع خوادمها الشرهه من أجل صناعة عملة رقمية وهمية بدلاً من الإستفادة بتلك الموارد بشكل أكثر فائدة .
في العديد من الدول تسببت عملة البيتكوين فيانقطاعات متكررة في التيار الكهربي بسبب زيادة الأحمال على الشبكة الكهربائية لاسيما إذا كانت الشبكة ذاتها ضعيفة و تعاني من مشاكل كما في بعض دول العالم الثالث.
أسوأ ما يمكن أن تواجهه إذا كنت في منطقة عالية المخاطر و حدث انقطاع للتيار أو لشبكة الإنترنت بسبب حدث جلل في هذه الحالة لن تفيدك العملات الرقمية في وقت تكون فيه في أمس الحاجة لكل سنت لأنك وببساطة في هذه الحالة لن تستطيع الوصول إلى أموالك أو لأن الناس في ظل هذه الظروف يفضلون التعامل بالأشياء المادية التي يمكن لمسها بأيديهم و الإستفادة منها !
البيتكوين و التلوث البيئي
تعتمد الكهرباء بدورها لإنتاجها على موارد مثل الفحم و الغاز الطبيعي و البترول و محطات الطاقة النووية و غيرها من الملوثات و التي تزيد أزمة الانبعاثات الغازية على سطح الكوكب.
المشكلة الأكبر في بيتكوين ليست حتى استهلاكها الهائل للطاقة، ولكن الشبكة تغذيها محطات توليد الطاقة التي تعمل بالفحم في الصين. وتتوفر الكهرباء القائمة على الفحم بأسعار منخفضة جدا في هذا البلد. وحتى مع وجود معامل انبعاث متحفظ، ينتج عن ذلك بصمة كربونية متطرفة لكل معاملة بيتكوين فريدة.
و بالرغم من ذلك ربما يمكن تقليل هذاالاستهلاك في المستقبل القريب فعلى سبيل المثال فإن عملة مثل إيثيريم Ethereum تستهلك طاقة تعادل ثلث ما يستهلكه تعدين عملة Bitcoin ,
وحتى ذلك يمكن أن يتطور كثيرا في المستقبل القريب، كما يخطط فريق تطوير إثريوم للتبديل تدريجيا إلى آلية مختلفة تماما من التحقق من المعاملات. تسمى (إثبات الحصة ) لتحل محل النظام الحالي، هذا النظام سيقابل نظام (إثبات العمل) المستخدم أيضا من قبل بيتكوين. بمعنى أنه بدلا من التعدين لحل حسابات الرياضيات المعقدة، فإنه المكافأة ستكون على امتلاك القطع النقدية. لم يتم تنفيذ هذا المفهوم في إثريوم حتى الآن ولكن إذا كان يعمل على النحو المنشود، فإن تكاليف الطاقة، بالمقارنة مع (إثبات العمل) ستكون أفضل .
حقائق بيئية عن البيتكوين
- تستهلك عملية تعدين عملة بيتكوين وحدها ما يفوق كلاً من الدنمارك وروسيا و بلغاريا على حده.
- يقدر استهلاك الكهرباء السنوي لتعدين البيتكوين 36 تيراوات ساعة .
- الكهرباء المستهلكة لكل عملية تحويل 252 كيلوواط ساعة .
- البصمة الكربونية لكل معاملة 123 كغم من ثاني أكسيد الكربون
كتبه : محمد علي ماهر
مصادر
https://munchies.vice.com/en_us/article/j5pwb4/beyond-bitcoin-how-the-blockchain-could-change-the-way-we-eat
https://mashable.com/2017/12/01/bitcoin-energy/#nDT.LpL25Pq3
https://arstechnica.com/tech-policy/2017/12/bitcoins-insane-energy-consumption-explained/
https://digiconomist.net/bitcoin-energy-consumption