هل الأطباء ضد استخدام التكنولوجيا في التشخيص الطبي ؟

 التشخيص الطبي

كتبه : محمد علي ماهر

هل سبق أن زرت طبيباً خلال مرضك أو مرض أحد أحبائك وحصلت على تشخيص طبي معين ثم ذهبت لطبيب آخر وحصلت على تشخيص مختلف، ثم راجعت ثالثاً فشخص حالتك بتشخيص مغاير لسابقيه!

ما عاناه العالم في الفترة السابقة خلال الجائحة أيضاً كان كاشفاً للغاية، حيث تضاربت التصريحات و التشخيصات وظهرت أوجه قصور كبيرة في المنظومات الطبية حول العالم بسبب نقص العنصر البشري ومحدودية إمكاناته حبث كان دور التكنولوجيا محدوداً للغاية ، فبالرغم من التقدم المذهل في التكنولوجيا لا زلنا بحاجة للعنصر البشري من أجل الحصول على تشخيص بدلاً من استخدام تطبيقات تقنية حقيقية ، يشمل هذا أشياء مثل:-

Advertisements
  1. الاعتماد على حواس الطبيب عند المناظرة لرصد المعطيات
  2. مدى حضوره الذهني وحالته النفسية (فهو بشر على تتأثر أحكامه بتلك الأمور على أي حال)
  3. الاعتماد على ذاكرة الطبيب في استدعاء المعلومات علماً بأن بعض الأطباء لا يحبذون مراجعة معلوماتهم أمام المرضى!
  4. قدرة الطبيب على معالجة كم كبير من المعلومات المتنوعة التي تخص كل حالة وتاريخها الطبي وتحاليلها المعملية والخروج بتشخيص دقيق
  5. مدى الوقت الذي يقرر الطبيب منحه لدراسة كل حالة (يصبح هذا تحدياً في حالة العيادات الممتلئة وعدم وجود قوانين مُنظِمة)
  6. الاعتماد على مدى نزاهة الطبيب وعدم انحيازه لشركات أو أدوية بعينها عند وصف الدواء .

لكن مهلاً، لقد ذكرنا معطيات مثل، استدعاء المعلومات من الذاكرة، تحليل المعلومات، معالجتها، عدم الانحياز، ألا تلاحظ أن المهام السابقة تبدو كمهام حاسوبية بامتياز ؟!

لماذا إذاً لا زلنا نرى الطبيب بسماعته وأدواته التقليدية هو من يقوم بالتشخيص وليس حاسوب طبي متخصص وتكون مهمة الطبيب الإشراف فقط على هذه المنظومة والتأكد فقط من أنها معايَرة وتعمل بالشكل المطلوب؟

الحاسوب الذي نتحدث عنه هنا لا يحتاج إلى غرفة كاملة بل قد يكون أداة بحجم كف اليد، ربما يكون هاتف ذكي يتم توصيلة بالمستشعرات اللازمة كمقياس للحرارة أو سماعة طبية أو ميكروسكوب ذكي (كبديل للمناظرة بالعين) أو مستشعر موجات فوق صوتية ….الخ .

Advertisements

قد تظن أن تكاليف ما ذكرته خيالية لكن الحقيقة هي أن كل تلك التكنولوجيا موجودة بالفعل ومستخدمة في تخصصات وأمور أخرى صناعية وغير طبية. كلها أمور متاحة عملياً ويمكنها قراءة المعلومات وتحليلها وتخزينها، بل ومشاركتها مع المريض كنوع من الشفافية التي يفتقر إليها هذا التخصص الدقيق مقارنة بغيره وبحيث يمكن للمريض فيما بعد استخدامها في زيارات لاحقة لنفس الطبيب أو لأطباء آخرين.

اقرأ: بدائل حديثة لسماعة الطبيب تصلح للاستخدام المنزلي

هذا لا يمنع أنه يوجد العديد من تطبيقات التشخيص الطبي التي يمكنك تنزيلها من متجر جوجل أو متجر آبل والتي تعتمد على وصف المريض للأعراض، لكنها تحتاج إلى المزيد من استغلال التكنولوجيا المتاحة بالفعل لتضييق نطاق البحث والتوصل إلى تشخيص أكثر تحديداً ودقه.

Advertisements

اقرأ : تطبيق يكتشف الأمراض الجلدية بدقة باستخدام الذكاء الاصطناعي !

التشخيص الطبي وسر التأخر

وفي محاولة لفهم سر هذا اللغز المحير بحثت عن إجابة وعثرت على مقالة في مجلة فوربس تعود للعام 2014 وتتحدث عن المعضلة ذاتها ، كانت المقالة بعنوان 5 أشياء تمنع اعتماد التكنولوجيا في الرعاية الصحية

Advertisements

تتحدث المقالة عن مؤتمر ستانفورد العاشر للطب MedX ، حيث ناقش الحضور من قادة فكر وأكاديميون وأطباء هذه المعضلة . وخلص الحضور إلى 5 نقاط تمنع التقنيات الجديدة من اختراق نظام الرعاية الصحية .

1. العديد من التكنولوجيات الجديدة لا تعالج المشكلة الحقيقية

يهتم رواد الأعمال بتقديم المنتج النهائي الأنيق للمستخدم أكثر من الاهتمام بفعاليته .ولعل أساور الرعاية الصحية أحد أهم الأمثلة على ذلك . حيث تعطي الكثير من تلك الأساور العديد من البيانات لكن لا يعرف ما اذا كانت تقدم تأثيراً إيجابيا على صحة الناس أم لا . كما يرى الأطباء لا يطلبون هذه البيانات ويرونها زائدة عن الحاجة و لن تحدث فرقاً سريرياً !

Advertisements

2. لا أحد يريد أن يدفع ثمن التكنولوجيات الجديدة

لا يكفي إنشاء أداة أو تطبيق مبتكر يمكن أن يساعد الأطباء والمرضى. يجب أيضا أن يتم تحقيق الدخل من هذه المنتجات. . المرضى والأطباء والمستشفيات وشركات التأمين يتوقون إلى فوائد وقيمة التكنولوجيا الجديدة. ومع ذلك ، يعتقد كل شخص أن هناك آخر يدفع ثمنها. وعلاوة على ذلك، يجب على رواد الأعمال فهم الصعوبات المالية الكامنة في النموذج الحالي لدفع الرسوم مقابل الخدمة.

سيكون الأطباء والمستشفيات بطيئين في تبني أي تكنولوجيا تخفض التكاليف أو تقلل من زيارات المرضى. لماذا؟ لأن نموذج الدفع اليوم يكافئ الأطباء والمستشفيات ماليا على حجم وتكلفة الخدمات التي يقدمونها – وليس نوعية النتائج التي يحققونها. وإلى أن ينتقل نموذج الدفع لدينا من الرسوم مقابل الخدمة إلى “الدفع مقابل القيمة”، سيكون من الصعب بيع بعض الحلول التكنولوجية الأكثر فعالية.

3. يتردد الأطباء في إظهار المعلومات الطبية للمرضى

قبل السجل الصحي الإلكتروني الحديث (EHR) ، كان من الطبيعي أن الأطباء حصراً هم من يمتلكون المعلومات الطبية للمريض. كان الأمر منطقيا في ذلك الوقت مع نسخة واحدة فقط من السجل الطبي في متناول اليد، كان المكان الأكثر أمانا هو مكتب الطبيب.

Advertisements

لكن اليوم مع اختلاف الوضع لا زال العديد من الأطباء يعتقدون أنه من الضروري إبقاء المعلومات الطبية بعيداً عن أيدي المرضى وأن المعلومات قد تكون ضارة إذا تمت قراءتها. لقد تغير الكثير في عصر تكنولوجيا المعلومات والاستهلاك. ويعترض المرضى أكثر وأكثر على أبوية الماضي – مؤكدين حقهم في الوصول إلى سجلاتهم الصحية الخاصة.

اقرأ : لماذا يكره الأطباء المرضى الذين يبحثون عن أعراضهم على الإنترنت ؟

هذا لا يمنع بالطبع أن بعض الأطباء يديرون أجهزة الكمبيوتر الخاصة بهم ويستخدمون البيانات الصحية على الشاشة لتثقيف المرضى. هذه الشفافية تضمن دقة المعلومات. وتدعو المرضى إلى المشاركة بشكل أوثق في خطط العلاج الخاصة بهم.

Advertisements
 يتردد الأطباء في إظهار المعلومات الطبية للمرضى

ربما هناك فرصة سانحة لرواد الأعمال لتوسيع نطاق هذا العمل ومنح المرضى الفرصة للحصول على مزيد من البيانات دون الحاجة للدخول لمكتب الطبيب .

4. يرى الأطباء أن التكنولوجيا تبطيء عملهم

بالنسبة للطبيب العادي ، يستغرق إدخال البيانات في السجل الصحي الإلكتروني وقتا أطول من الاحتفاظ بسجل ورقي. المشكلة ليست فقط الوقت الذي يستغرقه الكتابة ولكن أيضا تنسيق منظم لإدخال البيانات. ببساطة يستغرق المزيد من الوقت عندما يمنع التطبيق الأطباء من تخطي الخطوات أو ترك التفاصيل السريرية.

وعلى الرغم من الإحباط الذي قد يحدث للأطباء، فإن المعلومات المضافة تقلل من مخاطر الخطأ الطبي، وتتجنب الفحوصات الزائدة عن الحاجة، وتيسر الوصول بسهولة إلى نتائج الفحوصات. ولكن الفوائد التي تعود على المريض واضحة ، حتى عندما تضيف التكنولوجيا وقتا للطبيب.

Advertisements

على سبيل المثال قد يجبر السجل الصحي الإلكتروني الجراحين على سؤال المرضى عن حساسية الأدوية كجزء من تاريخهم الطبي. بهذه المعلومات ، يمكن لتطبيق السجل الصحي الإلكتروني تشغيل تنبيه إذا حاول الطبيب بالخطأ طلب مضاد حيوي يعاني المريض من حساسية منه. بالطبع يحب الأطباء افتراض أنهم لن يرتكبوا مثل هذا الخطأ لكن العلم يثبت عكس ذلك.

يقدر أن معدل أخطاء الأدوية من جانب الأطباء قفز بنسبة 50 في المائة في السنوات الأخيرة . وجدت دراسة أخرى أن 1 من كل 5 أدوية يستخدمها كبار السن توصف بشكل غير صحيح !

تقرير فوربس

يمكن لرواد الأعمال مساعدة الأطباء على تقليل الوقت اللازم لإدخال البيانات من خلال تطوير تطبيقات البرامج التي تشمل وحدات الماكرو والقوائم الذكية. يمكن للتطبيقات التي تتضمن تنبيهات المساعدة في تقليل الأخطاء الطبية.

ولكن بطبيعة الحال، فإن حمل الأطباء على تبني هذه النهج الأكثر فعالية هو التحدي الكبير التالي.

Advertisements

5. يرى العديد من الأطباء أن التكنولوجيا غير شخصية

يرى بعض الأطباء أنهم أصحاب لمسة شخصية سحرية في “فن الطب” وأن التكنولوجيا ستسلبهم هذه اللمسة وهذا الحدس المفترض، ولكن توفير الرعاية الشخصية في المستقبل سيتطلب أكثر من ذلك بكثير.

مع ظهور تسلسل الجينات والنمو الأسي للمعلومات الطبية ، لن يتمكن الأطباء من تلبية المتطلبات الطبية الفريدة للمرضى دون أنظمة تكنولوجيا المعلومات المتقدمة. ومع تقدم المعرفة الطبية، أصبح الصدع المتصور بين “التكنولوجيا الفائقة” و”اللمسة العالية” من مخلفات الماضي.

يرى العديد من الأطباء أن التكنولوجيا غير شخصية

إن إخبار المريض بأنه مصاب بالسرطان يتطلب وقتا وتعاطفا ومهارات شخصية جيدة الصقل. هذا هو الفن التقليدي للطب. ولكن معرفة العلاج الدقيق للسرطان نظرا لعشرات البدائل، والجينات الفريدة للمريض والعديد من الأنواع الفرعية لكل سرطان هو مسألة تكنولوجيا وعلم بشكل أكبر. وإمكانيات العلاج ربما تتجاوز العقل البشري.

Advertisements

بالإضافة إلى ذلك ، عندما يرثي الأطباء أن الممارسة الطبية الحديثة أصبحت غير شخصية ، فإنها لا يتفهمون كيف يفضل معظم الناس إدارة حياتهم. في عصر الاستهلاك اليوم، إذا سألت المرضى عما يقصدونه بالرعاية الطبية الشخصية، سيتحدثون عن القدرة على تقرير كيف ومتى وأين يحصلون على المعلومات والعلاج – تماما كما يفعلون عندما يسافرون أو يشترون منتجات وخدمات البيع بالتجزئة.

يرغب الأشخاص المشغولون اليوم في تلقي الرعاية من خلال بدائل ممكنة تكنولوجيا مثل زيارات الفيديو والبريد الإلكتروني الآمن ، بدلا من زيارة العيادات التقليدية. وهم محبطون من نظام الرعاية الصحية الذي يرفض استيعابهم.

ختام

يختم التقرير بتوجيه لرواد الأعمال ويحثهم على توجيه التكنولوجيا وربطها مباشرة بعيادة الطبيب لمساعدة الناس على تلقي الرعاية فعليا، دون الحاجة إلى التغيب عن العمل أو المدرسة – خاصة إذا كانت الحلول أقل تكلفة و إلى النظر إلى أبعد من مئات الملايين من الهواتف الذكية التي تقع في أيدي أو جيوب المستخدمين اليوم.

Advertisements

انتهى ما ورد في التقرير ولي هنا ملاحظة. على الرغم من وضع التقرير يده على العديد من المشاكل إلا أنني حقيقة لا أتفهم سر توبيخه لرواد الأعمال مع أن جميع النقاط التي ذكرها التقرير والتي تعوق التوسع في استخدام التكنولوجيا في المجال الطبي كانت لدى الأطباء أنفسهم فرائد الأعمال لن يقوم بإنفاق المزيد وهو يرى أن الأطباء يتجاهلون استخدام المعلومات التي يقدمها للمريض !

في الحقيقة وبدون مواربة يبدو المؤتمر كما لو كان محاولة لعقد صفقة تكون كالتالي (الطبيب يستخدم التطبيق للوصول إلى المريض) بدلاً من العلاقة المباشرة (المريض يستخدم التطبيق تحت إشراف الطبيب ) وإلا فسيستمر الأطباء في تجاهل التطبيقات التي تستهدف المستخدم النهائي مباشرة .

على كل حال هي مجرد محاولة للفهم وفي النهاية و حتى نختم كلامنا بشيء عملي لمن يرغب في إضافة سجل طبي إلكتروني دون تحمل تكاليف إضافية ، نرشح برنامج OpenEMR وهو برنامج مجاني مفتوح المصدر. صحيح أنه لا يساهم في التشخيص الطبي إلا أنه بداية طيبة لحفظ بيانات المرضى و تطوير الأداء التكنولوجي ولو قليلاً .

Advertisements

دمتم بود

مصدر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

ثمانية + ثمانية عشر =

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.