بقلم : رحمة رمضان الفرد
دائمًا ما نرى العديد من الناس يستحقرون أنفسهم ويحملونها ما لا طاقة لها بهِ، أحيانًا بسبب خطأٍ صغير يظنون أنهم فشلوا وأن الطريق انتهى ولن يستطيعوا النجاح، حتى يبدأ هُنا جلد الذات والذي يعني اللوم المستمر للذات، واِتهامها ومُحاسبتها على كل صغيرة وكبيرة… ويختلف جلد الذات عن تأنيب الذات؛ حيث أن لجلد الذات تأثير سلبي، بينما لتأنيب الذات تأثير إيجابي.
ما هو جلد الذات؟ وما هي أسبابه وأضراره؟ وهل هو مرض نفسي أم ليس كذلك؟ … هذا ما سنعرفه في هذا المقال.
Table of Contents
ما هو جلد الذات؟
يعرف أيضا بـ”إذلال الذات”، وهو مرض نفسي شائع، ويعني مبالغة الإنسان اللوم والقسوة على ذاته لأبسط الأشياء، قد يصل إلى مرحلة الاستحقار ظنًا منه أنه يستحق ذلك لعدم مقدرته على الوصول إلى المثالية، والتي لا يمكن لأحدٍ الوصول إليها؛ لأننا بشر، والبشر يُخطئون تارةً لأخرى، والصحيح هو فهم الخطأ ومعالجته، وليس اللوم والقسوة وجلد الذات!
أسباب جلد الذات:
يلجأ العديد من الناس إلى جلد الذات ظنًا منهم أنه الحل الأنسب ليعملوا بجدٍ للوصول إلى الأهداف، ولجلد الذات أسباب عدة، ومنها:
- الفراغ: إن وقت الفراغ يُشعر الإنسان بأنه لا يجيد فعل شيء، وبذلك تبدأ الأفكار السلبية مما يزيد من اِحتمالية الإصابة بجلد الذات.
- فقدان الشغف: قد يفقد العديد من الناس شغفهم للوصول إلى طموحاتهم وتحقيق أهدافهم؛ ربما لظروفٍ ما أو بسبب البيئة المُحيطة، وهنا يبدأ جلد الذات.
- الهروب من الفشل: العديد من الناس يلجؤون إلى جلد ذاتهم هروبًا من فشلهم؛ لمحاسبة أنفسهم على هذا الفشل كما يقولون، ولكن… هُم لم يفشلوا بعد، لا يزال بإمكانهم البدء من جديد والمحاولة والتعلم من الأخطاء السابقة، أوَليس هذا أفضل بكثير؟
- التربية: أحيانًا تكون التربية غير السليمة سببًا لجلد الذات؛ إذ يُربى الطفل على أن لا مكان للخطأ والفشل في حياته، ويجب أن لا يقع فيهما، وبمجرد خطأٍ بسيط منه سيشعر بالإحباط الشديد ويقسو على نفسه ويجلد ذاته، وهذا خطأ كبير! وإنما يجب تربية الطفل على محاولة تجنب الخطأ بقدر الإمكان وإن وقع بهِ فيجب أن يعمل على علاجه.
- الاهتمام بكلام الناس: أحيانًا يكون الإنسان في مجتمعٍ محبط، ودائمًا ما يسمع من بعض أفراد المجتمع كلمات وجمل تفقده عزيمته… بعض الناس يُتابعون ولا يفقدون ثقتهم بأنفسهم، وفئة من الناس يتأثرون ويقررون التخلي عن أهدافهم بسبب بعض الجمل المُحبطة مثل: “لن تستطيع ذلك”، “أنت لست جيدًا بما فيه الكفاية”، “هدفك أكبر منك”… وهنا تبدأ هذه الفئة بفقدان ثقتهم بأنفسهم رويدًا رويدًا حتى يصلوا لمرحلة جلد ذاتهم، ولكن من الأفضل أن نجعلها حافزًا للوصول، أليس كذلك؟
- عدم الثقة بالنفس: العديد من الناس لا يثقون بقدراتهم وقوتهم، ويستحقرون ويلومون أنفسهم؛ ظنًا منهم أنهم لن يستطيعوا النجاح في أي شيء!
أعراض جلد الذات:
يوجد بعض العلامات والأفعال التي تدل على أنك تعاني من جلد الذات، وهي:
- الشعور الدائم بعدم أهميتك في الحياة.
- الخوف بسبب أبسط الأمور.
- العجز الدائم حِيال أبسط الأعمال.
- القلق والأرق والتشتت وكثرة الأفكار السلبية.
- التراجع والخوف والاستسلام قبل البدء بالعمل.
نصائح للتخلص من جلد الذات:
- عزز ثقتك بنفسك: الثقة بالنفس ضرورية للتخلص من جلد الذات، فإن كان الإنسان واثقًا بنفسهِ وقدرتهِ على الوصول لأهدافه، فما السبب الذي سيجعله يجلد ذاته؟
- دوّن أهدافك: قُم بتدوين أهدافك في ورقة، وحاول البدء بها شيئًا فشيئًا مع كامل يقينك بالنجاح، ولا بأس إن أخطأت أو فشلت مرة؛ حاول ثانيةً، المهم أن لا تستسلم… ستنجح حتمًا!
- اِملأ أوقات فراغك: مارس الأنشطة التي تُفضلها وطور مواهبك، واقرأ وتعلم شيئًا جديدًا، المهم أن تملأَ أوقات فراغك بما يُفيدك.
- كُن إيجابيًا: فليكن مُحيطك إيجابيًا؛ من أصدقاء وأفكار، كل ما يحيط بك… تجنب مُصاحبة السلبيين لأنهم سينقلون أفكارهم إليك في يومٍ ما.
- استشارة طبيب نفسي: إن كنت تظن أنك لن تستطيع التوقف عن جلد ذاتك؛ فتوجه إلى طبيب نفسي مختص، لا شك أنه سيفيدك.
الخاتمة:
لا شك في أن جلد الذات أمر سيء ويجب معالجته قبل تفاقُمه، واتباع كل سُبل العلاج للتخلص منه؛ فاستحقار ولوم الذات لا يأتي إليك بمنفعةٍ أبدًا.
من الجيد أن لا نستسلم، ولا نفقد ثقتنا بسهولة، ونثابر ونسعى…
من بعد ما فهمنا ما هو جلد الذات، وأسبابه، وبعض النصائح لعلاجه؛ نختم هذه المقالة آملين الاستفادة التامة لكل قارئ.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
رحمة رمضان الفرد
[email protected]