يكذب الناس لتجنب العقاب أو تلبية بعض الرغبات أو حتى خوفاً من فقدان ثقتك فيهم , و الكذب قد يكون مدمر أحياناً سواء للأفراد أو المجتمعات خصوصاً إذا كان الشخص الكاذب شخصية عامة و مؤثرة و مع ذلك فإنه لا يعد حتى اﻵن جريمة و لا يحاسب عليه القانون في معظم اﻷحوال. و لتجنب اﻷذى نحتاج إلى أن نعرف المزيد عن الكذب و الكذابين.
أكثر الطرق شعبية لكشف الكذب هي طريقة كشف الكذب بإستخدام لغة الجسد و التي سنهتم بتناولها هنا كما سنتناول بدائلها أيضاً .
المحتويات
كشف الكذب بإستخدام لغة الجسد أسلوب صحيح أم مجرد حدس ؟
يرى البعض بأن لغة الجسد تخبرنا بالكثير عن الكذب و تكشف الكذابين من خلال حركات الجسد التي يقوم بها اﻹنسان إذا ما كان يكذب مثل :-
- الحركات اللاإرادية : يعتقد أن حركات مثل الرمش بحركات سريعة أو إبتلاع اللعاب أو الهرش كلها علامات تدل على الشعور بالتوتر بسبب الخوف من العقاب .
- جمود الحركة : يتجمد اﻷشخاص و تقل حركتهم إذا ما كانوا يخبرونك بكذبة بينما محترفي الكذب تزداد حركتهم بشكل مبالغ فيه إذا كانوا يحاولون التسويق لكذبة أملاً في خداعك .
- تجنب اﻹلتقاء البصري : تكشف العينين الكثير من التفاصيل , الكثيرين لا يستطيعون الكذب و هم ينظرون إلى عينيك مباشرة لذلك يتجنبون اﻹتصال البصري بالنظر إلى اليمين أو إلى أسفل بينما يحافظ مروجوا اﻷكاذيب على إتصال بصري طويل أطول من اللازم
- النظر ﻷعلى و ناحية اليمين : النظر ﻷعلى و ناحية اليمين يعني تحفيز الجزء الخاص بالخيال في المخ و هذا يعني أن الشخص أمامك يحاول إختراع كذبة , بينما النظر ﻷعلى جهة اليسار يعني أن الشخص الجالس أمامك يحاول تذكر أمر ما و هذا يعني أنه يقول الحقيقة.
- لمس الآنف وتغطية الوجه/الفم : كمحاولة لاشعورية لـ ﻹخفاء تعابير الوجه ، و محاولة وضع الكذاب مسافة بين نفسه و بينك.
- رفع نبرة الصوت : هو دليل على الضغط النفسي , يصبح صوت الكذاب عالي و حاد و يمكنك ملاحظة هذا إذا ما كنت تعرف صوته الطبيعي.
- النظرة الواسعة و البريئة و التي معناها “من ؟ أنا ؟!” : و التي يقوم بها الأطفال عادة عندما يكذبون .
- التوقف بشكل ملحوظ أثناء الحديث : معظم الناس يفتقرون إلى القدرة على الخروج بخيال معقول في لحظة، حيث يتوقفون للحظات عن الكلمات للتفكير في تفاصيل الكذبة وهذا يعني التوقف عن الكلام عادة قبل الكذبة نفسها، المزيد من اﻹستجواب هنا سيكشف التناقض في الرواية بسهولة ، أما الرواية الحقيقية عادة ما تكون سهلة للتذكر.
- الكذب بإغفال التفاصيل : ففي بعض اﻷحيان يكون الكذب بعدم الكلام كأن يقوم الشخص الكذاب بإغفال معلومة في وسط جملة حقيقية . لكن هذا أيضاً سيجعله يشعر بأنه يكذب و بالتالي ستظهر العلامات ذاتها التي تظهر عند الكذب و خصوصاً بعد إنهاء الكلام. كأن ينتهي من الجملة ثم يحك أنفه أو يضع يده على فمه أو يشيح بوجهه بعيداً .
و اﻵن تعالوا نقيم هذه الطريقة بشكل منطقي
الكثير من التكنيكات التي تعتمد علي لغة الجسد لكشف الكذب ترتبط بالتوتر , التوتر لا يصيب اﻷشخاص الذين يكذبون فقط فالشخص الصادق قد يتعرض للتوتر أيضاً ﻷنه يتعرض للإستجواب أو ﻷنه يخشى ألا تصدقه أو قد يكون الشخص متوتر بطبيعته ! كما أن بعض الكذابين المحترفين بإمكانهم تجنب إظهار أي توتر بينما يخترعون اﻷكاذيب .
لغة الجسد ذاتها أمر نسبي حيث تختلف لغة الجسد بإختلاف الثقافات و اﻷشخاص , مثلاً أذكر أنني كنت أحضر محاضرة في التنمية البشرية عن لغة الجسد و قمت بإلقاء سؤال على المحاضر و فوجئت بردة فعل هجومية غريبة على سؤالي هذا دفعني للتساؤل عن سبب رد الفعل هذا , بعد القليل من التفكير أدركت أن المحاضر كان ينظر إلى بينما يتحدث و لاحظ أني أضع يدي تحت ذقني بينما تلتف أصابعي أمام فمي حيث فسر ذلك بالخطأ – وفقاً للغة الجسد – كعلامة على كوني شخص هجومي يميل لإنتقاده ورفض ما يقوله و الحقيقة أن هذا لم يكن صحيح تماماً فسؤالي كان بعيد كل البعد عن أي محاولة للهجوم كما انني لم أكن أفكر وقتها سوى في التركيز فيما أسمعه , لقد فشلت لغة الجسد في تفسير حركاتي بشكل ذريع !
يعتقد البعض بأن هذه الطريقة هي الطريقة اﻷفضل و أن اﻹنسان بطبيعته لديه جهاز داخلي لكشف الكذب إذا ما وثق بحدسه لكن كيف يمكن تمييز “الحدس” من “الرغبة” الكامنة لإتهام شخص ما , أعتقد أن هذا أمر صعب للغاية .
يتفق العلم أيضاً في التقليل من أهمية قراءة لغة الجسد لكشف الكذب , فالعديد من الدراسات أثبتت أنه حتى محققي الشرطة المدربين يفشلون في كشف الكذب بإستخدام لغة الجسد . أثبتت دراسة أيضاً أن 50 شخص من 20 ألف شخص شملتهم دراسة هم فقط من تمكنوا من كشف الكذب بإستخدام لغة الجسد بدقة تصل إلى 80% و هي نتيجة ضئيلة للغاية .
الكلمات لا الجسد
الطريقة البديلة للغة الجسد والتي تم تجربتها و التي أثبتت نجاحاً يصل إلى 20 ضعف الطريقة السابقة هي تحليل لغة الكلمات بدلاً من لغة الجسد , تعتمد تلك الطريقة على جعل الشخص الكاذب ينسج أكاذيبه و يوسعها حتى يسقط فيها و ذلك من خلال .
- استخدم أسئلة مفتوحة: ارغم الكذاب على أن يستفيض في الكلام حتى يوقع نفسه في الخطأ بنفسه.
- استخدم عنصر المفاجأة: وجه أسئلة غير متوقعة تجعل الكذاب يرتبك، أو اطلب منه استرجاع احداث ماضية، وهي أساليب تجعل من الصعب على الكذاب أن يحافظ على تصنعه الصدق.
- انتبه للتفاصيل الدقيقة: إذا قال لك شخص إنه يدرس في جامعة أكسفورد فاطلب منه أن يخبرك عن طريق الوصول إلى الجامعة. إذا وجدت تناقضاً، فالأفضل ألا تسارع بإخباره بوجود تناقض، واتركه يشعر بالثقة بأنك صدقت ما يقوله، ولا تقم بتصويبه أو تصحيحه، هذا سيدفعه للتمادي في الكذب.
- لاحظ التغيرات في درجة ثقتة بنفسه : قد يطيل الضحية حديثه عندما يشعر أنه هو من يدير المحادثة، لكن شعوره بالراحة يتلاشى عندما تبدأ سيطرته على إدارة الحديث تقل.
في النهاية الهدف هو أن تدخل مع الشخص في محادثة غير رسمية أكثر من كونها تحقيق مكثف. تحت هذا الضغط البسيط سيوقع الكذاب نفسه بنفسه بالتناقض في روايته، أو بأن يصبح متهرباً ومخادعاَ بشكل واضح أو مرتبكاً في ردوده.
بالتجربة أثبتت طريقة إكتشاف الثغرات في الروايات أنها الطريقة اﻷكثر نجاعه لكشف الكذب , لكن يجب عليك دائماً التروي وعدم الإسراع في القفز إلى نتائج , فمجرد ظهور علامات التوتر على شخص ما أو عدم قدرته على تذكر تفاصيل مهمة لا يعني بالضرورة أنه مذنب. لا يوجد معيار ثابت لاكتشاف الكذب، لكن باستخدام طريقة معينة في طرح الأسئلة والإقناع يمكنك أن تتوقع ظهور الحقيقة في نهاية الأمر.
مصادر
https://howtodothings.com/family-relationships/how-to-tell-if-someone-is-lying-to-you
https://www.bbc.com/future/story/20150906-the-best-and-worst-ways-to-spot-a-liar
On Google News